د.محمد أمين جاد
سرطان الرئة هو نمو بعض خلايا الطبقة المبطنة للقصبة الهوائية بنسبة أسرع من المعدل الطبيعي و بشكل غير منتظم مما يؤدي إلى تراكمها و حدوث تداخل في عملية إخراج المخاط ،
و تتطور بعض الخلايا المتضاعفة بسرعة و تصبح خبيثة ، و هذه الخلايا تزاحم و تقضي على الخلايا الطبيعية و تؤدي إلى احتباس المخاط في الرئة ، و تؤلف الخلايا السرطانية كتلة أو ورماً يسد القصبة الهوائية
و سرطان الرئة يعد من السرطانات المعقدة و الخطرة لما يصاحبها من حدوث مضاعفات كثيرة نتيجة الانتشار لأعضاء أخرى بالجسم ، أو طبيعة الورم الشرسة
و يعتبر التدخين على علاقة وثيقة بحدوث هذا النوع من السرطانات و يمكن القول أنه يسبب بشكل مباشر أكثر من 90 % من سرطانات الرئة على الأقل ،
و يرتبط خطر الإصابة بعدد السجائر و محتواه من المواد المسرطنة ، و أهمية هذا الأمر تكمن في أنه بالإمكان الوقاية من هذا الداء بتجنب التدخين
يعد سرطان الرئة هو السرطان الأكثر شيوعا عند الرجل ، و حدوثه في ازدياد مستمر عند النساء بسبب ازدياد نسب المدخنات منهن و هو أحد الأسباب الرئيسية لموت الرجال و النساء في معظم البلدان الصناعية ،
و هو ثاني أكثر السرطانات شيوعاً في العالم ( بعد سرطان الجلد ) و المسبّب الأكبر للوفاة بأمراض السرطان ، و هو يصيب في أغلب الأحيان الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين عمر 50 و 70 سنة
الأسباب
أهم مسببات سرطان الرئة نذكرها فيما يلى :
(1) التدخين : حيث يحتوي دخان السجائر و الشيشة ( النارجيلة ) على مواد ثبت فعلها المسرطن للخلايا ، و يتعلق خطر الإصابة بعدد السجائر التي يدخنها الشخص يومياً و بمحتواها ، كما يوجد خطر الإصابة عند الأشخاص الغير مدخنين و لكنهم يعايشون المدخنين ( و هم ما يطلق عليهم المدخنين السلبيين )
(2) التلوث البيئي : حيث نلاحظ أن نسبة حدوث الداء عند سكان المدن الملوثة أعلى منه عند سكان القرى أو المدن الأقل تلوثاً
(3) المهنة : التعرض للمواد المشعة قد يؤدي إلى العديد من السرطانات إحداها سرطان الرئة
(4) غاز الرادون : و هو غاز ينتج عن انشطار اليورانيوم و لكن عندما يتفاعل يطلق مواد مسرطنة ، و هو غاز موجود في العديد من الصناعات و ينتقي المناطق المنخفضة لذلك يوجد في قبو المنازل بتركيز أعلى من باقي المناطق ، و بإمكان هذا الغاز إحداث العديد من السرطانات منها سرطان الرئة
(5) الإصابة السابقة بالدرن أو السل : الإصابة بالدرن أو السل الرئوى قد ترفع من احتمالات الإصابة بالسرطان و خاصة في مكان الإصابة نفسه
لسرطان الرئة نوعان :
(1) سرطان الخلايا الصغيرة : و يمثل حوالي 20 % من حالات سرطان الرئة و يصيب المدخنين فقط ، و هو سريع الانتشار خارج الرئة
(2) سرطان الخلايا غير الصغيرة : و هو أكثر شيوعاً من النوع الأول و له أنواع متعددة حسب مكان الإصابة و قد يصيب المدخنين و غير المدخنين
الأعراض والتشخيص
تشمل الأعراض المصاحبة لهذا المرض ما يلى :
(1) السعال أو الكحة المصحوبة ببلغم غزير قد يكون به دم
(2) الإحساس بآلام في منطقة الصدر
(3) الشعور بضيق في التنفس عندما يزداد حجم الورم
(4) الشعور بالإرهاق و الضعف العام
(5) فقدان الشهية و بالتالي فقدان الوزن بشكل ملحوظ
(6) صوت تزييق أو أزيز أثناء التنفس
(7) الإصابة بنوبات متكررة من الإلتهاب الرئوى
(8) خشونة أو بحة فى الصوت
كي يتأكد الطبيب من التشخيص فإنه عادة يقوم بإجراء الفحوصات التالية :
(1) أشعة سينية عادية ( أشعة إكس ) للصدر
(2) تحليل للبلغم تحت المجهر
(3) أخذ عينة من خلايا الرئة إما عن طريق المنظار للقصبات الهوائية Bronchoscope ، أو بواسطة إبرة بالصدر لأخذ عينة من الورم أو من السوائل المتجمعة
يصعب اكتشاف سرطان الرئة في مرحلة مبكرة ، كما أنه لا ينصح بالاستمرار في فحص الصدر بالأشعة بصورة دورية بالنسبة للأشخاص الذين لا تظهر عليهم الأعراض ، لأنه في الوقت الذي تظهر فيه صور الأشعة وجود سرطان ،
يكون المرض في العادة قد وصل إلى مرحلة متقدمة ، و عندما يشتبه في وجود سرطان فإنه يتم تأكيد التشخيص عن طريق التصوير بالأشعة و فحص عينات الأنسجة الحية و تحليل البصاق أو البلغم ، و ربما عن طريق إجراء عملية جراحية استكشافية في الصدر
الوقاية والعلاج
عند اكتشاف السرطان فغالبا ما يكون قد انتشر لباقى أجزاء الجسم و ذلك بسبب طبيعة السرطان الإجتياحية و نوعية نسيج الرئة الرطبة التي تساهم أيضاً في انتشار الورم ، و لذلك فالحل الجراحى يصبح عديم الفائدة ، و حينها يجب اللجوء إلى العلاج الكيماوى و الإشعاعى
هناك ثلاثة خيارات للعلاج و يحدد كل منها طبيعة السرطان و مدى استفحاله ، و بالطبع فالطبيب هو الجهة الوحيدة القادرة على تحديد مدى تطور الحالة و العلاج الأنسب لها :
(1) الإسئتصال الجراحي : إذا كان ذلك ممكنا ، حيث يمكن استئصال الورم عن طريق الجراحة فقط إذا لم يكن السرطان قد امتد إلى أعضاء أخرى ، فإذا لم يكن هناك أي انتشار فيقوم الجراحون باستئصال رئة واحدة بأكملها أو جزء كبير منها
(2) العلاج الكيميائي : و هو مهم لبعض أنواع سرطان الرئة ، كما أنه يستخدم مع العلاجات الأخرى إذا كانت هناك انتقالات للسرطان خارج الرئة ، كما يلي الجراحة عادة علاج بالأدوية الكيميائية للقضاء على الورم ، و هذا النوع من العلاج يستخدم أيضا لاستهداف الأورام الخبيثة جدا
(3) العلاج الإشعاعي : المعالجة الإشعاعية تفيد في تقليل الأعراض و معالجة انتشار الورم و كذلك السرطانات غير القابلة للعلاج الجراحي ،
و ذلك يكون بتعريض مكان السرطان للأشعة السينية بقذف السرطان بالأشعة السينية أو جسيمات من مواد مشعة مثل ( مادة الكوبالت 60 أو الراديوم المشع ) و يقوم هذا العلاج بإبطاء نمو الورم لكن لا يقضي عليه تماماً ،
وهو يستخدم غالباً لمعالجة الأورام البالغة الصغر التي انتشرت من الرئتين إلى الدماغ و العظام و الكبد ، و في أغلب الأحيان يتبع المداواة الأولية بالأشعة علاج كيميائي ، فالمشاركة بين العلاج الإشعاعى و الكيماوي تفيد في الحالات الشديدة الخطورة